سافرت في مهمه
سافرت في مهمه
سافرت في مهمة لمدة ثلاثة أيام.. وفور وصولي للدولة اتصلت لأطمئن عـلي زوجتي وابني، فأنا لم أتعود فراقهم.. ولم يتعودوا غيابي،، ثلاث سنوات هي عمر زواجي
ولكن للأسف لم يرد علي مكالماتي أحد!!
ومضت ثلاثة أيام وهاتفي لم يفارق يدي.. اتصل بـدون مبـالغة كل ربع ساعة أو نصف ساعة ولا أجد جوابًا !!
جُنّ چنوني واتصلت بأخي وأختي ليتفقدوا أحوال أسرتي الصغيرة.. فطمأنوني!! ولم أصدقهم..
واتصلت بأم زوجتي(عمتي) فطمأنتني.. وأخبرتها أنني أنتظر اتصالهم
ولكن طال انتظاري ولم يتصل أحد!!!
مرت الأيام الثلاثة كثلاثة شهور طويلة.. وكنت في داخلي أفور من الڠضب حينًا.. وحينا اتعجب وأحاول معرفة السبب!!
وفي كثير من الأحيان يـوسـوس لي الشيطان بوساوس مرعبة..
مرت الأيام.. ورجعت فيها إلى بلادي.. وما إن وطأت قدماي أرض الوطن حتى طرت إلى المنزل.. ومن شدة خــوفي أخذت أطرق الباب بيدي حينًا وبالجرس أخرى..
حتى فتحت لي زوجتي الباب.. ولشدة المفاجأة !!
فقد كانت في كامل زينتها وأناقتها وأستقبلتني بكل حفاوة وبأبهى حلة !!
ومن ورائها طفلي وعيناه تتراقص فرحًا يركض لاحتضاني !!
وأنا كالمخدّر.. ما السبب!!!
وسرعان ما بدأ الضب يحل محل الدهشة..
فسألت زوجتي عن سبب هذا التجاهل وقد كدت اقطع سفري.. وأسرع بالعودة فقد كانت الظنون تأخذني يمنة ويسرة..
فأجابت زوجتي بكل هدوء: هل اتصلت بوالدتك ؟.
أجبتها ولم أفهم شيئًا: لا أدري ربما؟… لا لا اتصلت بوالدتك لأطمئن عليكم..
قالت: -وقد أصابتني في المقټل- ” رأيت كيف كان شعور قلبك في هذه الأيام ؟ هو نفسه شعور والدتك.. حين تنسى الاتصال بها بالأيام.. ولا تسمع صوتها.. إلا حين تبادر هي بالاتصال بك.. بعد أن يلهبها الشوق.. ويجرفها الحنين وتأخذها الوساوس إن طال الغياب..
حاولت كثيرًا تنبيهك !! ولكن دون فائدة.. فلم أجد أفضل من هذه الطريقة لأوصل لك الرسالة يا زوجي العزيز.
طأطأت رأسي خجلًا من زوجتي الكبيرة عقلًا.. الصغيرة عمرًا.. وقد فهمت الدرس جيدًا.
وجدتها تناولني مفتاح سيارتي وتهمس في أذني:”جنّتك تنتظرك”.
وانطلقت إلى حبيبتى الأولى “أمي”
بعد أن علمتني زوجتي الحكيمة درسًا لن أنساه مدى الحياة..
وأنا ممتن لها أن جعلتني أتدارك نفـسى والأيام قبل أن لا ينفع الندم..
شكرًا لهذه الزوجة الحكيمة الذكية..
شكرًا لأمها التي ربتها فأحسنت تربيتها..
شكرًا لأمي التي أحسنت اختيارها لي..
وشكرًا وحمدًا لله تعالى الذي رحمني وأيقظني من غفلتي..
امي وأمهاتكم.. جنتنا في الدنيا..
لا تنسوا وصلهم ولو بمكالمة كل يوم وهذا أقلّ القليل فقلوبهم تنتظرنا وتدعو لنا وتفكر فينا كل حين..
ورقة قلوبهم وحنانهم تمنعهم من الاتصال بنا كل حين خوفا من إزعاجنا..
أشعر زوجتك.. وأشعري زوجكِ.. أنّ أمهاتكم هي كنز حياتكم وجنتكم حتى يعينوكم علي برّهم..
ولا يصرفوكم عنهم..
أعينوا أزواجكم وزوجاتكم علي برّ والديهم.. فهذا البرّ سيعود عليكم وسترونه في أبنائكم..
ودقائق معدودة في اليوم لن تفعل بك شيئًا..
امي وأبي “جنتي” لكما كلّ محبتي