الجمعة 29 نوفمبر 2024

رواية كاملة بقلم سهام العدل

رواية كاملة بقلم سهام العدل

انت في الصفحة 47 من 52 صفحات

موقع أيام نيوز


بصحبة سدرة ومراد بصحبة ابنته وابنه ويوسف الذي أصرت يمني على حضوره حتى لا يكون وحيدا في ذلك اليوم بدون أمه.
مر الإحتفال بسلام بعدما أطفأت يسرا الشمع وقدم الجميع لها الهدايا وجلسوا في سعادة وإبتسامة تملأ جميع الوجوه فقد جلس مراد مع يوسف يتناقشان في بعض الأمور العامة بينما جلست سدرة تحمل يزن تلاعبه وبجوارها آسر الذي لا يكف عن مداعبة يزيد الذي يستمتع الآخر بأي وقت يقضيه مع عمه منهم تجلس يسرا مع ياسمين ويمني ويتحدثن في بعض الأمور التي تخص حفل زفاف يمنى ويوسف...ولكن قاطع حديثهن فادي يثالذي وقف أمامهن برفقة أخته جنى وقال بعد إذنك يامامي أنا هآخد جنى وهنرجع البيت

تعجبت ياسمين وسألته ليه يافادي اقعدوا شوية وهنرجع مع بعض
تدخلت جنى قائلة خدوا راحتكم يامامي وهنروح إحنا أصل افتكرت إني ورايا محاضرات مهمة متأخرة عليا وعايزة اروح عشا.
انتبه آسر لحديثهم فغمز لياسمين قائلا خلاص بقى ياسمسم سيبيهم يروحوا يعني النهاردة عيد الأم وعايزين يسبقوكي يجهزو. 
تدخل فادي مندفعا خلاص بقى ياخالو ھتحرق المفاجأة
ابتسمت ياسمين وقالت اوك اتفضلوا بس طمنوني أول ما توصلوا
ابتسم لهما آسر وقال أي خدمة سهلت عليكم العمل
قالت جنى بحماس اوك يامامي ميرسي يا خالو.. بايثم أخيها وغادر.
أما ياسر فابتعد عن الجميع ووقف في الشرفة شاردا يفكر فيما قالته ياسمين له صباحا هو يعلم مدى صحته جيدا ولكنه يشعر كأنه مقيد بسلاسل حديدية داخل ذلك الماضي وتلك الذكريات غير قادر على التحرر من ذلك القيد والتغلب عليه وفي ذات الوقت قلبه يؤلمه وضميره يؤرقه على تلك المسكينة التي كانت ضحېة ماض مؤلم رسخ في عقله وقلبه ليته ما فعل مافعله بها ما كانت ستشعر بكل تلك الدونية التي بدأ في نبرة صوتها المکسورة ونظرة عينيها الحزينة يتذكر قبل قدومه بولديه عندما عرض عليها المجئ معه لذلك التجمع العائلي قائلا العيال جهزوا ياغصون
ردت عليه بهدوء أيوة جهزتهم خلاص ثوانى هطلع أجيبهم
رد عليها طب اجهزي أنتي كمان عشان منتأخرش
ردت عليه وهي تنظر أرضا لا.. بلاش انا روح أنت والولاد وكل سنة وهي طيبة
قال لها بإصرار لا مش هينفع البسي ونزلي العيال وانا مستنيكم ف المكتب 
رفعت بصرها له ونظرة له بإنكسار وردت عليه معلش مش هينفع.. أنت عارف إن والدتك مبتحبنيش وأنا مش عايزة ازعلها بوجودي النهاردة خد الولاد وقضوا وقت لطيف مع العيلة وأنا هستناكم على إما ترجعوا
أطال النظر لتلك العينين الجريحتين وبدأ سوط ضميره في جلده فماذا فعلت هي كي تنال كل ذلك النبذ ممن حولها ما جرمها لكي تعيش بچرح ېنزف مدى الحياة وهو الواجب عليه مداواة ذلك الچرح قد زاد من فتحه حتى صعد الڼزيف لتلك العينين اللتان يحويان ۏجع ينم عن ظلم الدنيا وقهرها لها.
أفاق من تلك الذكرى على يد يزيد التي تهز بنطاله الټفت له وسأله بهدوء فيه حاجة يا يزيد
سحب يزيد أحد الكراسي وحاول مجازفا الصعود عليها حتى وقف بمحاذاة والده على سور الشرفة كل هذا تحت أنظار ياسر الذي استطاع يزيد رسم الإبتسامة على وجهه بحركاته الطفولية.
سأله يزيد ببراءة الأطفال هو ده عيد ميلاد تيتا يا بابي
رد عليه ياسر لا يا يزيد ده اسمه عيد الأم.. كل الولاد بيحتفلوا بمامتهم

ف اليوم ده عشان يفرحوها بيه لأن الأم أغلى حد عندنا في الدنيا
رد يزيد بعفوية أنا مش عندي ماما لأن ماما خلاص طارت للسمابس غصون عندي أغلى حد في الدنيا 
شعر ياسر بنغزة أصابت قلبه إثر كلمة ابنه ولكنه أراد التخفيف عنه فابتلع ريقه بتوتر وأخرج الكلمة من فمه وكأنه يقولها لنفسه طب ما غصون مكان ماما هي غصون زعلتك في حاجه
هز الولد رأسه نافيا وقال غصون عمرها ما زعلتنا ف حاجة بس هي يوم ماجت البيت أنت قولت لنا إنها مش ماما
نظر للفراغ بشرود وهو يتذكر يوم قدومها المنزل لرعاية أولاده اجتمع بولديه وأخبرهما طبعا أنتوا عارفين غصون كويس وبتحبوها عشان كده هي هتيجي تعيش معاكم هنا تهتم بكم أي حاجة تحتاجوها اطلبوها منها بس لو ضايقتكم ف أي حاجة تعرفوني على طول مفهوم 
رد يزن بعفوية يعني هتكون مامي التانية
اندفع ياسر قائلا لا يا يزن مامي طلعت السما زي ما فهمتكم ومفيش مامي غيرها غصون بس هتشوف طلباتكم واسمها غصون وبس
تذكر تلك الأيام التي كان فبها الخۏف هو المسيطر الوحيد عليه عدم ثقته فيها ليئتمنها على ولديه الآن يخجل من نفسه على ذلك التفكير فقد كانت لهم الأم الحنون يكفيه تلك النظرات التي تنظر بها 
ابتسم يزيد وقال بحماس يعني احنا نقول ماما غصون
أومأ ياسر برأسه برضا فقفز يزيد من على الكرسي يصيح يزن يزن بابا قال نقول لغصون ياماما
ابتسم ياسر وبداخله بعض الراحة أقل حقوقها بعد ما منحته لثلاثتهم أن ينادوها ب ماما ليته يستطيع تقديم لها أكثر من ذلك ليكافئها على عطائها السخي لهم وبالفعل راودته فكرة بالطبع ستدخل السرور إلى قلبها.
رأي والدته تسير نحوه وفي عينيها الكثير من الكلاموجلست على الكرسي الذي كان عليه يزيد منذ قليل ونظرة له نظرة فهم فحواها فتنهد قائلا قولي اللي عندك ياأمي
ردت اللي هقوله مش هيعجبك بس هقوله مكنتش عارفة إن البت اتمكنت منك وم العيال كده فكرتها عجبتك ونزوة وهتاخد وقتها وتزهق بس أنت تبت فيها
هبط برأسه قليلا يقول بصوت منخفض والله ياأمي غصون دي ما في أغلب منها ف الدنيا
لوت شفتيها وقالت مش قولتلك دي عاملالك غسيل مخ 
ابتسم بسخرية وقال ياريتها تعمل يمكن ارتاح ثم صمت قليلا وقال وهو ينظر للسماء أمامه غصون ياأمي دخلت حياتي وأنا وولادي لاجئين عندك يوم وعند ياسمين يوم كنت بروح شغلي وانا القلق بېقتلني لأني عارف ان كل واحد فيكم له حياته وولادي هيكونوا الضحېة أما ياسمين اقترحت عليا إن غصون تكون مربية لأولادي خۏفي زاد وقولت لنفسي إذا كان أهلي مهتموش يبقى واحدة غريبة هتحبهم وتخاف عليهم وكنت غلطان لأن ولادي محسوش بفقدان أمهم وغصون معاهم من حنان و إهتمام ورعاية وأنا كمان شوفت ولادي مرتاحين قد إيه معاها لدرجة ان بخرج وانا مطمن انهم هيكونوا ف أحسن حال عارفة يا أمي الإنسانة دي منحتنا إيه.. منحتنا السلام النفسي كأسرة بيتي رجع نور تانيالشمس رجعت تدخله ريحة أكل البيت بقت تملاه وقت الظهر الزرع أزهر من تاني خلت للحياة معنى من تاني ياأمي
ردت عليه أمه ورغم كل ده شكلك مش سعيد ليه.. ندمان يا ياسر 
نظر لها ورد عليها بخنوع عشان اللي زيي مكتبش له السعادة ياأمي 
رق قلبها على إبنها الذي يبدو عليه الحزن وقالت ليه يا حبيبي بعيد الشړ عنك متقولش كده أنت تستاهل سعادة الدنيا كلها 
أعاد نظره للفضاء أمامه مرة أخرى ورد بحزن ادعيلي يا أمي مش محتاج غير دعائك وأرجوكي بلاش نظرتك دي لغصون البنت متستاهلش غير خير والله
عاد إلى المنزل يصطحب ولديه الصغيرين اللذان يتهامسان بسعادة وفتح الباب بهدوء وهو يشير لولديه بالدخول ويحمل في يده اليسرى علبة من الكرتون.
بحث بعينيه عنها فلم يجدها علم أنها لابد في غرفتها في الطابق العلوي فوضع مابيده على طاولة السفرة ودخل المطبخ بهدوء يعد بعض الأشياء ثم وقف وبجواره ولديه يناديها غصون غصون
نظرت من أعلى لهم بإبتسامة ونزلت السلم برتابة تقول وهي تنظر للوالدين بحنان حمد الله على السلامة وحشتوني
لم يرد عليها الولدين ونظر كل منهما للآخر بإبتسامة فتعجبت ولكنها نزلت حتى أصبحت أمامهما وانحنت وعندما نهضت يزيد من يدها حتى اوصلها لطاولة السفرة فحمل ياسر يزن وتبعهما.
وقفت تتأمل الكعكة الكبيرة بإبتسامة وتنظر لما مكتوب عليها كل سنة وأنتي طيبة يا أمي فإمتلأت عينيها بالدموع ولكن ما فجأها صوت يزيد كل سنة وأنتي طيبة يا ماما
ثم تبعه يزن كل سنة وأنتي أحلى ماما
نظرت لياسر وهي غير مصدقة فابتسم لها ابتسامة تؤكد ماسمعته تسمعها لأول مرة في

في هذه اللحظة ياسر وهي تحمل يزن وهو يقول وأنتي أحسن ام ف الدنيا هما اللي محظوظين بكي.. ثم تركها وأخرج من جيب سترته علبة على هيئة قلب من القطيفة السوداء وفتحها وقدمها لها وقال هدية يزيد ويزن 
نظرت لما في العلبة وجدت قلادة من الذهب على شكل كلمة أحبك يا ماما ذهلت مما رأت ونظرت لياسر بحرج وقالت كده كتير عليا اوي 
رد عليها ياسر مفيش حاجة تغلى عليكي يا غصون دي حاجة بسيطة
ابتسمت لهم بسعادة لا تجزم أن اليوم هو أسعد أيام حياتها.
قال يزيد بحماس ياللا ياماما قطعي التورتة وأنت يابابا صورها 
ابتسم له ياسر ومد يده في جيب سترته يخرج هاتفه ويقول اطلعوا اقفوا جمبها عشان نوثق اللحظة دي 
وبالفعل صعد كل منهما على كرسي حتى أصبحا على جانبيها هي السکين تقطع الكعكة وهي تبتسم بينما هو بدأ في التقاط الصور المختلفة لها تارة مع الولدين وتارة لها بمفردها وهي سعيدة تلك السعادة التي لم يرها عليها من قبل.
مرت ساعتين في هدوء كانا فيها الولدان قد ناما وهو ذهب إلى غرفته وبداخله بعض الرضا هذه الليلة لإدخاله السعادة إلى قلبها نام على فراشه وتوسد ذراعيه وهو ينظر للصورة أمامه ظل يتمعنها لدقائق دون حديث ولكنه كان ينظر لها نظرة سخط على ما تسببت له فيه فقد جعلته متخبطا ذلك الرجل الرزين الحكيم أصبح لا يعي ماذا يفعل وما الذي عليه فعله هو الآخر أدرك خطأه الشنيع في حق نفسه لا ينكر أنه أحب صبا كما لم يحب رجل إمرأة من قبل تخللت كل كيانه عقله وقلبه وهي الأخرى بادلته كل تلك المشاعر بإخلاص وفناء ولكنها في النهاية كانت إنسانة ضعيفة تخلت عن كل ما لها في لحظة ضعف منها وتركتهم يعافرون مع أمواج الحياة حتى لا يغرقون في دوامتها ولم يدرك أنه هو من عاش في دوامة الماضي وأصبح أسيرا لها.
تنهد بحيرة ويأس ونهض يقف أمام نافذة شرفته التي تطل على حديقة المنزل هاربا من كل تلك الفوضى التي بداخله الآن فتحها ووقف يتأمل السماء في ظلمة الليل ثم أخفض بصره قليلا فلمحها تجلس على أحد الكراسي بين الأشجار في أحد جوانب الحديقة تنهد بتعب وهو ينظر لها وهي تجلس بين الأشجار كالفراشة جميلة ورقيقة قوية بمثابرتها وضعيفة وهشة كلما نظر إلى عينيها جريئة في تحمل المسئولية والصبر وخجولة كعذراء في مقتبل عمرها.
قفزت إلى ذهنه ذكرى تلك الليلة التي شاركها فيها الفراش وكان يشعر معها كأنه يلامس السحاب سعادة
 

46  47  48 

انت في الصفحة 47 من 52 صفحات