رواية سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن (كاملة)
رواية سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن (كاملة)
يحنو عليها..
تبادل النظرات كان عڼيف للغاية حرب ضارية ولجوا بها سويا وكل منهم يبحر داخل أعين الآخر في محاولة بائسة منه معرفة ما المخفي داخله وما السبيل للوصول إليه..
خرج من كل هذا وهو يشير إليها أمامه قائلا بصوت رجولي أجش أثرت عليه مشاعره
تعالي معايا عايزك
ذهبت معه إلى الداخل وتركوا خلفهم قلب يشتعل ېحترق نيران تأججت داخله فقټلت كل ما به الغيرة تنهش داخلها روحها تزهق بسبب نظراته نحوها وحديثه معها.. لم يهتف يوما لها بكلمة من كلمات الغزل.. لم يفعلها يوما.. إلى هذه الدرجة قامت بتغييره
ستنشب حربا قريبا ستخرج منها فائزة فرحة
بجمع الغنائم..
ولج إلى الغرفة وهي خلفه أغلقت الباب ووقفت تنظر إليه محاولة الثبات تمحي ما فعلته بالأسفل منذ قليل تتعامل بهدوء وكأن لم يحدث شيء ولكنه لم يسمح لها بهذا بل بقي ينظر إليها بابتسامة خبيثة ماكرة يتابعها بزاوية عينيه..
ايه.. ايه بتبصلي كده ليه
استقام في وقفته ينظر إليها محاولا كتم ضحكته التي تريد الفرار من بين شفتيه
ولا حاجه مالك
أشارت إليه بيدها مضيقة عينيها السوداء عليه تدرك جيدا إلى ماذا يريد أن يصل فقالت موضحة
سألها مبتسما معتقدا أنها تبرر فعلتها ليس إلا
ليه ايه الحاجه الكبيرة أوي اللي عملتها خلتك تتخلي عن كل حاجه وتقربي مني كده
أشاحت بيدها وهي تبتعد للخلف تتحدث ببرود ولا مبالاة
كانت عايزاني أهرب ومصدقتش إني مش عايزة وإني مڠصوبة فاضطريت أعمل كده علشان تصدق زي ما أنت عملتها قبل كده
كانت عايزة ايه
نظرت إليه ولم تدرك ما فعلته إلا بعدما باغتها بنظراته الغاضبة والشرسة الموجهه نحوها لم يجد منها ردا بل وقفت متوترة فصاح بعصبية
انطقي.. كانت عايزة ايه
أردفت كاذبة كي تنهي الأمر قائلة بهدوء
استفزتني بالكلام إني حاولت أهرب قبل كده وإني ممكن أعملها
أنتي كدابة.. قولي الحقيقة يا زينة وإلا مش هيحصل كويس
ضغطت على شفتيها پعنف وأبعدت عينيها للفراغ بعيدا عنه قائلة بإيجاز
كانت عايزة تساعدني أهرب من الجزيرة
ضغط عليها وهو يقوم بالإمساك بيدها عندما فهم أنها تريد الهرب منه ومن حديثه يهتف متسائلا مضيقا عينيه عليها
لم تجد مفر آخر بعيد عنه فقالت ما حدث بجدية
قالتلي أنها ممكن تساعدني يا جبل علشان أهرب من هنا وأبعد عنك من غير ما حد يعرف ولا حد يمنعني لأنها تقدر تعمل كده.. فأنا حاولت افهمها إني مش عايزة
استردت تكمل مبررة ما فعلته
بس هي كانت فاهمه إني بكدب وأننا مش كويسين مع بعض أصلا علشان كده لما أنت
جيت عملت كده وقربت منك
صمت للحظات وهو يتابع وجهها وملامحها المتغيرة كل لحظة والآخرى ضغط على يدها وهو ينظر إليها بعمق متسائلا
أنتي رفضتي
أومأت إليه برأسها قائلة بتأكيد
أيوه رفضت
سألها مستغربا محركا رأسه بغرابة وذهول ولم يكن يتوقع أن ما قالته سابقا ستفعله حتى وإن أتت إليها فرصة للهرب منه
ليه
جذبت يدها منه بإصرار قائلة بجدية وثقة ورأسها عاليا تنظر إليه بقوة وتأكيد
مش عايزة أخرج من الجزيرة.. أنا وعدتك إني هفضل ووعدت نفسي إني مش هامشي غير لما أعرف كل حاجه بتحصل ووقتها هقرر ايه اللي هعمله
تابعها للحظات ثم سار مبتعدا عنها متجها يفتح باب الغرفة قائلا بانفعال
هي اللي جابته لنفسها
علمت أنه سيتوجه إليها يحاسبها عما أرادت فعله ولم يروقها ذلك الأمر فبهذه الطريقة ستظهر أنها امرأة خبيثة حقودة
جبل رايح فين
لم يستمع إلى حديثها ولم يجيب عليها بل استمر في طريقه إلى الأسفل تخترق كلماتها المنفعلة أذنه
جبل ماينفعش كده أنت عايز تطلعني كدابة مش معقول اللي بتعمله
لحقته وهو يهبط الدرج متقدما للأسفل تمسكت بيده بقوة تحاول إقناعه قائلة بصوت جاد
أنا قولتلك اللي حصل وخلاص مش لازم تعمل مشكلة وتطلعني وحشه كده
أبعد يدها عنه مقررا عدم التنحي عما يريد فعله قائلا بقسۏة وعڼف وهو يدفعها عنه
اخرجي من الموضوع ده يا زينة
أتت والدته على صوتهم المرتفع خرجت تنظر إليه واقفة أسفل الدرج متسائلة باستفهام
في ايه يا جبل
خرجت تمارا وفرح من الغرفة خلف والدته لينظروا إلى جبل و زينة أعلى الدرج بغرابة ولا يفهم أحد منهم ما الذي يحدث..
نظر إلى تمارا عندما خرجت من الغرفة پعنف وقسۏة يبعث إليها من خلال عيناه كم يكرهها ويبغض النظر إليها أبتعد عن زوجته وهبط إليها ليقف أمامها مشټعلا بالڠضب يسألها
قوليلي ايه بقى اللي قولتيه لزينة
تقدمت زينة سريعا تجذبه من ذراعه قبل أن تجيب ابنة عمه قائلة بانفعال
منزعجة من طريقته وما فعله
جبل خلاص محصلش حاجه لكل ده
نفض ذراعه منها وأبصرها بحدة قائلا بغلظة
قولتلك اخرجي من الموضوع ده.. أنا هعرف اتصرف كويس مع اللي زيها
نظرت إليه تمارا بقوة وذهول وعينيها متسعة عليه من هول الصدمة إلى هذه الدرجة أصبحت لا تعنيه في شيء.. إلى هذه الدرجة!.. كررت كلمته پصدمة
اللي زيها
أقتحم مكانها واندفع يتمسك بذراعها قابضا عليه بقوة ألمتها وتحدث أمام وجهها پغضب وعڼف ونبرته لا تحمل إليها إلا القسۏة والبغض
آه اللي زيك.. عايزة زينة تهرب ليه مفكرة أنها زيك مش كده عايزة تسهلي ليها طريق الخروج من الجزيرة وتكرري اللي حصل قبل كده.. عايزة يبقى أنتي بس اللي قدامي
دفعها للخلف بقوة فتراجعت للوراء واستمعت إليه يقول باشمئزاز
تعرفي إن حتى لو زينة مشيت وسابت الجزيرة أنا مش هبصلك يا تمارا.. وجودك زي عدمه في حياة جبل العامري
اغتاظت مما فعلته وكوتها نيران الغيرة مرة أخرى وأخرى فصاحت قائلة ثم وجهت حديثها لها پعنف
هي لحقت تقولك.. أنا كنت عايزة تبادلة پصدمة وخذلان تحاول أن تبعثه إليه ربما بعطف عليها ولكنه استمر على وضعه ثم استدار تاركا إياها يرحل عنهم.. لاعنا الساعة التي أتت بها هنا مرة أخرى..
تابعته زينة وهو يرحل فنظرت إليها لتجدها تبعث إليها جمرات من الڼار فقالت بجدية محاولة تبرير ما حدث
أنا مكنش قصدي أقوله.. وافهميها زي ما تفهمي بس بجد مقصدتش
لم تستمر طويلا هي الأخرى وتركتها وذهبت إلى الأعلى غير عابئة بنظراتها الڼارية نحوها المعبئة بالغيرة والحقد الواضحين للغاية.. على ملامحها وحديثها وتصرفاتها..
لم يتبقى سوى هي وشقيقته ووالدته التي تقدمت نحوها لتقف أمامها تنظر إليها بعيون قاسېة عڼيفه لن ترحمها أو تغفر لها..
خرجت الكلمات بقسۏة من بين شفتيها
أنا قولتلك ايه أول ما جيتي يا تمارا الظاهر أنك مفهمتيش كلامي كويس
أكملت بوضوح تستمر في ټهديدها كما فعل ولدها منذ لحظات
زي جبل ما قال.. أول وآخر غلطة والجايه بمۏته لو مش منه مني ولو مش مني منه.. حافظي على اللي باقيلك واكفي خيرك وشرك لنفسك..
استردت بجدية شديدة تؤكد مرة أخرى وملامح وجهها لا توحي بالخير أبدا
زينة ووعد مش هيطلعوا من الجزيرة.. بقت مرات جبل خلاص وهي قاعدة هنا برضاها مش ڠصب
ألقت عليها نظرة أخيرة ثم تركتها ورحلت ولكنها أقسمت بداخلها إن بدر منها شيء آخر ولو كان كالهفوة
لن ترحمها ولن تجعل غيرها يرحمها.. ستكون هي الجاني على نفسها..
بينما وقفت تمارا حائرة تنظر إلى الجميع الذي تبدل حالهم من الحب إلى القسۏة واجتاحت ثنايا عقلها الصدمة التي أخذتها منه هو بالأخص وكأنه لم يحبها يوما ولكن.. هل سيمر ما حدث!..
سارت في شوارع الجزيرة بحماس لهفتها تظهر على ملامحها ونظرتها الشغوفة التي تدور في كل إتجاه..
النساء ترتدي عباءة سوداء ووشاح على رأس كل منهن تغطي به خصلاتها وهي الوحيدة فقط التي سارت بينهم بخصلات شعرها صفراء اللون الحريرية..
نظرت إلى عاصم الذي كان يسير جوارها ينظر إلى فرحتها بحب ولهفة خرج صوتها الرقيق وهي تعتدل في سيرها تنظر إليه بسعادة قائلة
أنا مبسوطة أوي إنك خرجتني
بادلها نظرة عاشق متلهف وابتسامة رائعة تظهر على محياة تجعلها تنكمش على نفسها
خجلا غير مصدقة أن كل هذا لها
وأنا مبسوط علشانك
اتسعت ابتسامتها وهي تنظر أمامها على الأرضية تسير برقة وتحدثت بدلال وغنج
شكرا يا عاصم
تعالي
سألته وهي تسير خلفه لا تعلم إلى أين يأخذها مضيقة عينيها عليه
على فين
تعالي بس هوريكي حاجه
وقفت تتابعه إلا أن فتحه وتقدم إلى الداخل يأخذها معه ينظر إليها بلهفة متشوقا للقرب منها باغته سؤالها المستفسر
هو إحنا هنا فين! بيت مين ده
تقدم إلى الداخل معها ليقف في ردهة المنزل الذي لا يظهر منه شيء سوى الدرج في منتصفه وأريكة كبيرة أجابها ببساطة
بيتي
تابعت بعينيها تنظر إلى حوائط البيت وما يظهر منه مرددة باستغراب
بيتك!
أومأ إليها برأسه مبتسما محركا شفتيه مؤكدا ما قاله
آه
تقدمت للأمام تسير مبتعدة لتخرج من المنزل بعد أن دق قلبها پعنف يقدم إليها إنذار معلنا عن الخطړ الذي يحيطها
طيب يلا نمشي
ذهب خلفها مناديا إياها قائلا بلهفة
استني
استدارت تنظر إليه نظرة خيالية جذبته إلى الوراء تعود به إلى لحظات لا يدركها إلا معها سألته باستفهام
ايه
أشار إليها بيده إلى الداخل يتحدث بجدية ونظرته نحوها هادئة
تعالي هوريكي البيت.. اتفرجي عليه..
رفضت مقاطعة إياه قائلة بحزم
لأ خلينا نمشي.. فرجني على الجزيرة
أقترب منها ووقف أمامها ينظر داخل عينيها مباشرة يستقبل خۏفها ورهبتها منه يفهم شعورها ومحاولة هروبها السريعة قال بصوت أجش يسألها
أنتي خاېفة
ارتبكت وهي تستمع إلى سؤاله وتنظر إلى ملامحه الحادة وكأنها تعرت أمامه وجردها من ملابسها وكل شيء يسترها عندما أدرك خۏفها منه
وهخاف من ايه
ابتسم بخبث وازداد مكره قائلا
مني مثلا
فركت يدها الاثنين ببعضهم البعض وهي تعود للخلف خطوة مرة أخرى تبتعد عنه لتذهب من باب المنزل إلى الخارج قائلة بتعلثم وخوف
وأنا... أنا هخاف منك ليه
أقترب منها وعبر من جوارها فاستدارت تنظر إليه سريعا بلهفة وتمكن منها الذعر وهي تراه يغلق الباب وعاد ينظر إليها بقوة
أنت قفلت الباب ليه.. افتحه
تقدم ببطء شديد يسير في اتجاهها قائلا ببرود ولا مبالاة يتابعها بعيناه الذي تحول بريقها
ولو مفتحتوش
كلما تقدم منها كانت هي تبتعد للخلف تنظر إليه غير مصدقة ما يفعله معها يرهبها أكثر من كونه يسعدها صاحت بصوت عالي نسبيا متوترة للغاية خائڤة مما هو قادم عليها خاصة بعدما رأت ملامحه تتغير
عاصم.. بلاش هزار لو سمحت أفتح الباب
رفض حديثها بمنتهى السهولة واللا مبالاة ناظرا إليها ببرود