رواية سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن (كاملة)
رواية سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن (كاملة)
قلبها من الأساس ارتاح ومكث في موضعه داخل قفصها الصدري مطمئن تاركا خوفه جانبا بعد أن لمح لها بما تريد
ابتلع غصة وقفت بجوفه ونظر إليها بعمق خائڤ متردد
لو قولتلك اللي عايزة تعرفيه هتفضلي معايا
حركت رأسها للأمام تقول بصدق وهي حقا بكل جوارحها تود أن تنال الفرصة لتبقى معه بعد أن دق قلبها إليه
أنا قررت والله خلاص إني هفضل معاك.. أنا عايزة ابقى معاك بأرادتي أنت لسه مشوفتش ده فيا
شوفته بس بكدب نفسي علشان عارفك
اتسعت ابتسامتها وهي التي تضغط على يده تطمئن قلبه بعد أن فعل المثل معها وما كان منها إلا أن ترده إليه قائلة بحب
مش هسيبك
رفع يده إلى وجنتها يحركها عليها بحنان ورفق ينظر إلى سوداوية عينيها مباشرة تغوص معه في سحر عينيه الخضراء الذي لم تدركه إلا منذ فترة قصيرة فلم
متخليا عن كل مبادئه ليأتي بها دمية بين يده يحركها بين أصابعه كما يشاء دعني أخبرك عن قصة قاټل قتل كل مشاعره إلا حبه لها محي كل ذكرى غرام سابقة من عقله ليحي ذكراها عزيزي دعني أخبرك عن قصة سارق وعد أن يسرق قلبها إن كان بالحب أو بالقسۏة ليوفي بوعده مفتخرا فلم يكن حب أو قسۏة فقد كان أعلى مراتب الحب ألا وهو الجنون..
امرأة عاشت أهم سنوات عمرها في خديعة مرة حطمت فؤداها رفضت الإقتراب ورفضت الحب والغرام وقفت شرسة قوية عافرت للوصول إلى المبتغى مدافعة عن كل ما يخصها لتقف أمام ذئب بشړي لم تطول في مجابهتها له حيث أنها باتت بين يديه.. في يوم ليلة!..
كل ما تم تخريبة أثناء تلك الحړب الدامية قام بإصلاحه إلى أن عاد الوضع طبيعي كما السابق وأفضل ولكن إلى الآن عقله مشغول بذلك طاهر الذي لم ينشغل به يوما لأنه كان على علم بآخر ما يستطيع فعله إلى أن خيب ظنه بمساعدة الخائڼ جلال.. الآن لا يستطيع أن يصل إلى طريقه بعدما كان يراه نكره لا يريد العثور عليه..
شعرت أنه هو من دفعها لفعل كل ذلك وهي الغبية التي كانت متعطشة لعلاقه تقهر قلب عاصم بها ولم تقهر قلب أحد سواها..
وقفت إسراء في حديقة القصر تتحدث مع صديقتها عبر الهاتف وكانت هذه أول مرة تهبط إلى الأسفل بعد أن أذنت لها شقيقتها أغلقت الهاتف بعد وقت وهو يقف على بعد قريب منها يتابعها بعيناي متعطشة مشتاقة إلى أبعد حد..
أحرقه صدره بتلك اللهفة الغريبة وأكلت النيران ما بقي منه شوقا للقرب منها والنظر داخل عينيها الساحرة وجدها تعود ذاهبة إلى القصر فركض بخطوات واسعة ليجذبها بعيدا قليلا يقف أمامها بنظرات ملهوفة غرامية..
خرج صوته الأجش قائلا بحدة يتخللها الحب واشتياقه هو الذي يدفعه نحوها
ممكن أعرف بتتهربي مني ليه
نظرت إلى ذراعها القابض عليه بين يده بشدة فعادت بعينيها إليها متصنعة الحدة التي لا تليق بها تهتف
أبعد لو سمحت
ترك يدها وكرر مستغربا مسلطا عينيه عليها باستغراب
لو سمحت!
وضعت يدها الإثنين أمام صدرها ووقفت تنظر إلى البعيد فلا تستطيع الصمود أمام نظرة عينيه التي تحتويها بكل حب
عايز ايه يا عاصم
عايزك قسما بالله ما عايز غيرك
داهمت عيناه بقوة عينيها الزرقاء تخلل الضعف نظرتها واهتز بدنها أثر نظرته ولكنها حاولت التماسك قائلة
أنت مصدق اللي بتقوله
ضيق ما بين حاجبيه أكثر وعاد للخلف ينظر إليها بقوة مستغربا حديثها الذي لم يكن هكذا في السابق بل كانت تأمن له بكل حديثه وأيضا اعترفت بحبها له
هو أنتي مكدباني
أومأت برأسها قائلة بحدة
أيوه
أشار بيده في الهواء متسائلا عن السبب ثم أشار إلى نفسه راجيا إياها بلهفة وعشقه الكبير لها الذي يتخلل روحه يدفعه نحوها رغما عنه
ليه طيب.. قوليلي ايه يثبتلك صدق كلامي وهعمله فورا
أبصرته بقوة ووقفت ثابتة فباغتته پعنف
قولي أنت بتشتغل ايه
قال بهدوء مجيبا إياها
بشتغل مع جبل
حركت زاوية شفتيها بسخرية ناظرة إليه بتهكم وعادت السؤال مرة أخرى
بتشتغل مع جبل ايه
نظر إليها باستغراب وما كاد إلا يتحدث لكنها قاطعته قائلة بخيبة أمل مترقرقة الدموع في عينيها
بتشتغل في الس لاح بت قتل الناس
صعق عندما استمع إلى حديثها وقف ينظر إليها يتابعها بحدة وغرابة كيف علمت ذلك من تفوه لها بهذا الحديث أقترب منها يقبض على يدها متسائلا بحدة
مين قالك الكلام ده
جذبت يدها منه پعنف عندما شعرت بتغيره المفاجئ نحوها وصاحت أمامه
مش مهم مين قالي المهم إني عرفت
رأى أن قطته أصبح لها أظافر
تخربش بها ولم تجد إلا هو لتجرب عليه مخالبها زفر حانقا وقال
أنتي فاهمه غلط
سألته بجدية منتظرة حقا أن تأخذ منه إجابة تجعلها تلقي بها في وجه شقيقتها وتلقي حديثها عرض الحائط
طيب ايه الصح
توتر وهو ينظر بعيدا عنها يحرك عينيه في الفراغ يردف بجدية
أنا.. أنا مش هقدر أقولك حاجه بس قسما بالله أنا بحبك
رقت ملامحها عادت تلك الوديعة الرقيقة اعتدلت في وقفتها وأدلت إليه باعترافها بنبرة خاڤتة حزينة
وأنا كمان بحبك يا عاصم
وجدته يبتسم وتتسع ابتسامته وقعت عليه الكلمات لتسكر بدنه ولكنها لم تجعله يدلف إلى تلك الحالة بل صاحت بجدية
بس مستحيل أكمل مع واحد شغلته أنه يق تل الناس
أشار إلى نفسه ينفي حديثها بضراوة
أنا مش بق تل حد صدقيني.. فهميني عرفتي الكلام ده منين
أجابته بهدوء
من زينة أختي
استرسلت في الحديث مكملة
قالتلي إنك أنت وجبل شغالين كده مع بعض
وقف صامتا للحظات بعدما علم كيف أتاها ذلك الخبر أتى تفكيره صحيح أنها لن توافق عليه ليكون شريك حياة شقيقتها ولكنه والله ېقتلها ويأخذها رغما عن الجميع.. أبعد هذه الأفكار سريعا عن عقله عندما وجدها تنظر إليه باستغراب تتابع ملامحه المتغيرة..
سألها بنبرة حانية
أنتي بتثقي فيا صح
أومأت برأسها قائلة
أيوه بثق فيك
أكمل بجدية بعدما لم يجد شيء يقوله لها كي تفهم أنه ليس ذلك الشخص البشع حتى وإن كان ېكذب ولكنه لن يتركها تذهب من بين يديه بسبب أشياء كهذه
طيب ممكن تديني فرصة أفهمك كل حاجه.. بس مش دلوقتي ممكن
نظر إليها برجاء فأومأت إليه بضعف بعد أن رق قلبها ناحيته فلا تريد أن ېحترق قلبها أكثر من ذلك بعد أن اعتادت على وجوده معها في كل وقت..
ستعطيه تلك الفرصة التي يطلبها كي تعطي نفسها هي الأخرى وتعطي علاقتهم معا لا تريدها أن تخرب بهذه الطريقة أن كان عنده تبرير فلتنتظر لتأخذه منه ولن تتركه هو..
سألها بلهفة
هتكلميني
ردت قائلة وهي تتجه بعينيها إلى البعيد
هحاول
ابتسم وهو يراها تتهرب منه هاتفا بصوت أجش رخيم
هستناكي تكلميني.. وحشتيني
كانت هذه البريئة حالة خاصة فريدة من نوعها لا تفقه شيء ولم تتصدى لمدفع سابقا هناك من يدير حياتها يسار نعم يمين مجاب رقيقة كالفراشة وديعة كالقطة محبة كعصفور طائر يغرد بسلام.. عينيها بحر أو سماء أما تغوص أو تغوص ملامحها تناديك إلى الأعمق تجذبك بسحر خاص بها يفتنك لتصبح عاشق ولهان.. فتهيم بها عشقا دون أن تدري ما هي مميزاتها!..
تابعها بعيناه الحادة التي تلين لها فقط شفتي غليطة طيلة الوقت لا يخرج منها الحديث إلا على هيئة صړاخ حاد يتبدل حالها عند رؤيتها فيتحول الحديث إلى كلمات خاڤتة حانية تخرج بهدوء ورفق تربت على مسامعها بحنو يقف أمامها بجسده الصلب فارع الطول الذي يكاد يبتلعها في كل مرة تقف أمامه ولكنه لا يلين ولا ينحني إلا لها كي تشعر أنه يتحول إلى ما تحب في الوقت الذي تحب لتبتادله ما تحب..
في حديقة القصر يجلس جبل على مقعد وبجواره عاصم شاب فارع الطول وعريض المنكبين يبدو في الثلاثون من عمره يقف أمامه كأنه أمام القاضي ينتظر حكمه بجواره رجلان تخطوا سن الخمسون فتاة صغيرة لم تتخطى الخامسة عشر عاما جالسة بجوار سيدة كبيرة..
رفع جبل بصره إلى الشاب لينظر إليه بحدة قائلا بغلظة وصوت خشن
أنت عارف قوانين الجزيرة.. البنت قبل ما تتم العشرين سنة ملهاش جواز اللي عملته ده تمرد
رفع عيناه السوداء لينظر إليه بملامحه الحادة ليس افتعال منه بل كانت هي هكذا على طبيعتها يشير عليها بيده قائلا بصوت هادئ
يا جبل بيه هي عفيه قدامك أهي.. عندها خمستاشر سنه وأبوها وأهلها موافقين ايه المانع
وضع جبل يده أسفل ذقنه في تلك الحركة المعتادة له ونظر إليه بسخرية ثم سأله متهكما ضاربا حديثه عرض الحائط
أنت عندك كام سنة
أجابه وهو يطرق رأسه إلى الأسفل خجلا من نفسه ولكنه مازال يعارض
خمسة وتلاتين
أعاد سؤاله الخاص بها وهو ينظر إليه
وهي كام
أجابه ومازال ينظر إلى الأسفل بضجر وانزعاج
خمستاشر
استنكر أجابته على أسئلته فهناك فرق شاسع بينهم عشرون عام كيف هو يتخطاهم وهيبط بتفكيره إليها أو يتحكم بعنفوان جسده وضخامته وكيف هي تصعد بتفكيرها إليه وتتعامل معه
يعني لو كنت اتجوزت بدري كنت خلفت قدها.. مش عيب عليك لما تتجوز واحده في سن ولادك مش فاهم أنا.. فهماك إزاي وبتتعامل مع الهلف اللي قدامي ده إزاي
أشار إليها مرة أخرى يرفع رأسه إليه متأكدا من حديثه الذي يقوله
يا جبل بيه ماهي قدامك أهي في أحسن حال.. اسألها
نظر إليه جبل بسخرية يجيب على حديثه بسخط
لأ ماهو باين