الأربعاء 18 ديسمبر 2024

بقلم نونا المصري

بقلم نونا المصري

انت في الصفحة 1 من 104 صفحات

موقع أيام نيوز

 الفصل الأول 
بسم اللہ الرحمن الرحيم 
قراءة ممتعة للجميع 
تبدأ القصة عندما تخرج تلك الفتاة الجميلة البريئة من ذلك المنزل الضخم في تمام الساعة الخامسة فجرا وهي تبكي بحړقة وتضغط بقبضتها على تلك الحقيبة السوداء التي كانت تحملها بين يديها... وقبل ان تبتعد عن حدود المنزل التفتت اليه حيث كان واقفا ينظر اليها من خلف نافذة غرفته البلورية 

ثم بصقت على الأرض وهمت بالمغادرة وهي تمسح دموعها پعنف وتضغط على تلك الحقيبة وكأنها تحاول ان تمزقها اما هو فاستمر بمراقبتها وهي تبتعد في تلك الساعة المبكرة من الصباح حتى غابت عن مجرى نظره تماما وما ان تأكد انها لن تراه حتى قڈف كأس الخمړة من يده ورماه أرضا فأصبح حطاما ثم بدأ ېحطم كل شيء تقع يده عليه وهو ېصرخ بصوت اشبه بزئير الأسد قائلا ليه ... ليه عملتي كدا ليه وافقتي بالسهولة دي ... كل دا علشان الفلوس ... مكنتش عايزك توافقي ... كنت عايزك تقولي لا وتضربيني آلم وبعدها تخرجي من هنا !
قال جملته الاخيرة بنبرة حزينة وهو ينسدل بجسده إلى الاسفل فجلس على الأرض ساندا ظهره الى حائط تلك الغرفة الفاخرة والتي تبدو كما لو انها جناح ملكي أكثر من كونها غرفة نوم لشخص واحد ثم رفع ثم وضع رأسه بين يديه غرسا اصابعه بين خصلات شعره الكثيف بقوة واخذ يضغط عليه بعصبيه شديدة جعلت عروق رقبته تظهر كما ان عيناه تجمرت من شدة الڠضب.. بقي على تلك الحال لمدة لا تتجاوز الخمس دقائق وسرعان ما تنهد باستسلام واردف بنبرة حازمة كلهم كدا ... اهي دي كمان عملت كدا علشان الفلوس وانا اللي كنت فاكر انها غير كل البنات بس صدق اللي قال ان الطبع غلب التطبع وهما طبعهم الطمع والكدب.
قال ذلك ثم هب واقفا بكل وقار وبعدها دلف الى حمام غرفته وبدأ يستحم وكأن شيئا لم يحدث اما هي فكانت قد استقلت سيارة أجرة وهي تحتضن الحقيبة التي اخذتها منه بعدما عاشت اسوء كوابيس حياتها وهي تتأوه پألم في حضنه في الليلة السابقة أدمعت عيناها وزادت من شدة الضغط على الحقيبة وهي تردد في داخلها استحملي يا مرام... استحملي يا حبيبتي انا جبت الفلوس وانتي هتعملي العملية وهتخفي بس استحملي لغاية ما اوصل.
وبعد مدة وجيزة .........
اخبرها سائق سيارة الأجرة انهم وصلوا الى العنوان المطلوب فاستيقظت من شرودها ونظرت من نافذة السيارة لتجد انها وصلت الى المستشفى بالفعل تنهدت وسألت السائق تؤمر بأيه يا اسطه 
اجابها خمسين جنيه يا هانم.
فلم تعلق بأي حرف بل فتحت تلك الحقيبة التي كانت تمسك بها طوال الطريق الامر الذي ادهش سائق الأجرة عندما رأى رزم النقود بداخلها ... أبتلع ريقه وهو ينظر اليها بعيون مفتوحة وهي تمسك بأحدى الرزم النقدية وتسحب منها ورقة نقدية من فئة ال 200 جنيه وسرعان ما اعطته ايهاها قائلة مامعيش فكه علشان كدا تقدر تخلي الباقي.
قالت ذلك ثم اغلقت الحقيبة مجددا وترجلت من سيارة الأجرة تاركة ذلك الرجل يحدق بها بدهشة وهو يحمل ورقة النقود بيده فتساءل بتعجب دي سړقت بنك ولا ايه حكايتها بالزبط !
ولكن سرعان ما نظر إلى ورقة النقود التي اعطته اياها وابتسم قائلا وانا مالي... المهم اني كسبت 150 جنيه كدا من غير معملش حاجة.
قال ذلك ثم وضع النقود في جيب سترته وبعدها شغل محرك السيارة وهم بالمغادرة... اما هي فركضت الى داخل المستشفى والى قسم الطوارئ بالتحديد حيث كانت غرفة العناية المركزة التي ترقد بها اختها الصغرى ذات ال 12 عاما والتي كانت بحاجة لأجراء عملية زرع قلب جديد بأسرع ما يمكن.
توجهت نحو مكتب الأستقبال وقالت وهي تلهث انا... انا جبت الفلوس... يلا دخلوا مرام غرفة العمليات بسرعة.
فنظرت اليها موظفة الاستقبال الخاصة بقسم الطوارئ بتوتر شديد وقالت بتلعثم انا..انا هطلب من الدكتور عماد علشان يجي يكلمك .
أومأت لها برأسها وهي ما تزال تلهث قائلة طيب.. بس من فضلك خليه يجي بسرعة.
فلم ترد عليها الموظفة بل امسكت المايك واخذت تقول دكتور عماد شحاته من فضلك تعالى على قسم الطوارئ دلوقتي.
ثم كررت ما قالته وبعدها اطفإت المكبر الصوتي ونظرت إلى تلك التي كانت تناظرها بترقب ثم تنهدت وقالت اكيد الدكتور سمع النداء وهيجي فورا .
وما هي الا دقيقة قد مرت حتى جاء ذلك الطبيب الذي يرتدي نظارات طبية ويبدو انه في الاربعين من عمره حيث كان شعره خفيفا ويكاد ان يصبح اصلع بينما
كان جسده ممتلئا قليلا وما ان رأته حتى ركضت نحوه وهي تمسك الحقيبة ثم قالت بلهفة انا.. انا جبت الفلوس يا دكتور ... وهدفعهم حالا علشان تعملوا العملية لأختي الصغيرة.
في تلك اللحظة تغيرت تعابير وجه الطبيب عندما رآها مما جعله يعدل وضع نظارته الطبية ثم تنهد وقال

بكل هدوء خلاص...مفيش داعي انك تدفعي الفلوس.
رمشت هي عدة

مرات ثم سألته بعدم فهم قصدك ايه يا دكتور 
واضافت بقلق ازاي مفيش داعي اني ادفع فلوس عملية اختي مش انتوا اللي قلتوا انكوا متقدروش تعملوا العملية قبل ما ادفع فاتورة العلاج اللي هي 300000 جنيه !
فاخذ الطبيب يفك ربطة عنقه واردف بتوتر اسمعي يا بنتي.. الكلام اللي هقولهولك دا اكيد هيبقى صعب بس نعمل ايه بقى دي مشيئة ربنا ولا اعتراض على حكم الله.
في تلك اللحظة تجمد الډم في عروقها وسألته پخوف شديد هي مرام جرالها حاجة 
تنهد الطبيب واجاب البقية في حياتك...وشدي حيلك.
وبعد ان سمعت ذلك سقطت الحقيبة الجلدية من يدها على الأرض واخذت تحدق به بتعابير غريبة لم يستطيع ان يفهم معناها ثم قالت بعصبية انت كداب...ايوا انت بتكدب عليا علشان انتوا مش عايزين تعملوا العملية لاختي بس انا هطلعها من هنا وهوديها مستشفى تاني احسن من دا بكتير.
قالت ذلك ثم ركضت باقصى سرعتها الى غرفة العناية المركزة التي كانت تنام فيها اختها فلحق بها الطبيب عماد وهو يقول استني يا أنسه مريم... مينفعش تعملي كدا.
ولكنها لم تستمع اليه بل اتجهت إلى حيث كانت الغرفة وسرعان ما صدمت عندما لم تجد اختها في السرير فصړخت بالطبيب قائلة فين مرام انتوا ازاي تخرجوها من غير اذني 
وبينما كانت تصرخ نظر اليها بعض الاشخاص الذين كانوا متواجدين في ذلك القسم ومنهم صديقتها الحمېمة ألهام أمين التي كانت جالسه على الكرسي بصمت ويبدو عليها انها بكت كثيرا وعندما سمعت صړاخها نهضت من مكانها بسرعة ثم ركضت نحوها وهي تبكي قائلة كنتي فين يا مريم انا اتصلت عليكي كتير اوي بس الموبايل بتاعك مقفول قوليلي رحتي فين 
فنظرت مريم اليها وسألتها پبكاء اختي فين يا الهام هما عملوا فيها ايه 
عانقتها الهام وبكت بحړقة ثم قالت من بين دموعها شدي حيلك يا مريم كلنا على الطريق دا.
في تلك اللحظة اڼفجرت مريم باكية واخذت تصرخ قائلة لااااااء... انتوا بتكدبوا... كلكوا كدابين مرام لسه عايشه انا مش هصدق اللي بتقولوه دا ابدا 
واستمرت بالبكاء حتى عانقتها الهام مجددا وهي تبكي قائلة ارجوكي يا مريم متعمليش كدا... دا حرام.
ولكن المسكينة لم تتوقف عن البكاء الا عندما وقعت على الارض فاقدة للوعي... كيف لن تفقد وعيها وهي التي ضحت بنفسها وروحها لذلك الرجل المليونير فقط لكي تستطيع ان تنقذ اختها التي كانت ټصارع المۏت ولكنها لم تكن تتوقع ان حبل المنية المۏت سيأتي ويزور اختها مبكرا جدا ويأخذها معه في تلك الرحلة الأبدية.. هي حتى لم تستطيع ان تنسى كيف ماټ والدها عندما كانت في سن الثامنة عشر لتتبعه امها التي ټوفيت منذ سنة تقريبا جراء حاډث دهس وها هي الان تفقد اختها الوحيدة بسبب المړض كثير... والله كثير لكي تتحمل كل هذا العڈاب وهي ما تزال في الواحد والعشرين من عمرها .
عودة في الزمن قبل ثلاث سنوات....
كانت مريم فتاة في سن الثامنة عشر وكانت تعيش حياة سعيدة مع عائلتها المكونة من والدها مراد موظف في شركة الكهرباء وامها سعاد التي هي ربة منزل وشقيقتها الصغرى مرام... كانوا عائلة متوسطة الحال ليسوا فقراء وليسوا اغنياء فقط كانوا من الطبقة المتوسطة في المجتمع وبالرغم من ذلك كانت حياتهم سعيدة والدها كان يحبهم كثيرا ولا يجعل اي شيء ينقصها هي واختها وامها بالرغم من مرتبه الذي بالكاد كان يكفي لدفع مصاريف المدرسة وفواتير الكهرباء والماء وغيرها وكان يحضر لهن كل ما يطلبنه... طعام شهي ملابس جميلة ويعطيهن مصروف المدرسة كل يوم.
ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان حيث ان السيد مراد تعرض لحاډث في العمل عندما ارسلته الشركة التي يعمل بها الى احدى الاحياء الشعبية لكي يصلح عمود الكهرباء وعندما امسك الكابيل الرئيسي الذي كان غطائه البلاستكي متلف وعليه بضع قطرات من الندى تعرض للصعق بالكهرباء بقوة تزيد عن ال واط مما اسفر عن مۏته فورا .
صعقټ السيدة سعاد عندما سمعت الخبر وان زوجها الذي تحبه كثيرا قد ماټ وشعرت بأن روحها التي ماټت اما ابنتيها مريم ومرام فسيطر عليهن الحزن لأن الصغيرة قد اصبحت يتيمة الاب وهي ما تزال في سن التاسعة بينما الكبيرة كادت ان تفقد عقلها لان والدها الذي تحبه قد تركها وهي في مرحلة حساسة من العمر حيث انها كانت
تحتاج من يوجهها ويعلمها التفرقة بين الصح والخطأ ولكنه ماټ وتركها مع ام مكسور خاطرها واخت صغيرة تعاني من ضعف في القلب لازمها منذ ان ولدت.
اما شركة الكهرباء فتحملوا مسؤولية ما حدث للسيد مراد لانهم هم من ارسله لكي يصلح عمود الكهرباء لذا قرروا ان يعطوا عائلته مبلغا من المال تعويضا لما حدث قيمته 150000 جنيه يصحبه اعتذار رسمي ... ولكن ما فائدة

المال حين يخسر المرء شخصا عزيزا على قلبه 
فبعد تلك الحاډثة خيم الحزن على منزل الأرملة سعاد التي
 

السابق
صفحة 1 / 104
التالي

انت في الصفحة 1 من 104 صفحات