الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية كواسر أخضعها العشق بقلم نورهان أل العشري

رواية كواسر أخضعها العشق بقلم نورهان أل العشري

انت في الصفحة 19 من 24 صفحات

موقع أيام نيوز


سد ثغرات الماضي المبهم بالنسبة لها بل فتح أبواب لاستفهامات أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها لذا
حاولت أن تحثه على المتابعة حين قالت
بالطبع لا يوجد أحد منا كاملا ولكن فراس أيضا له أخطاء 
زفر زين بشجن وفاجأها حين قال بلهجة مشجبه
قد تندهشين من حديثي ولكن في كثير من الأحيان يكن خطأك الوحيد أنك شخص جيد 

لونت الدهشة ملامحها وتجعد ما بين حاجبيها بحيرة فقام زين باحتواء حيرتها بكفوفه التي عانقت كفوفها المتوترة وهو يحاول أن يطمئنها فقال لها
اسمعيني جيدا نور أكثر شخص تستطيعين الوثوق به في هذا العالم هو فراس لا تضجر رأسك بتلك الأسئلة فوالله لو طلب مني أن ألقي بنفسي في البحر لأطعته لأني أعلم أنه لو لم يكن الأمر في مصلحتي لما طلب مني فعل ذلك 
تعاظمت دهشتها أكثر وتجلى ذلك بنبرتها حين قالت
لهذه الدرجة!
زين بصدق
نعم والأمر لا يقتصر علي فقط بل الجميع هنا كذلك 
طرأ استفهام ملح على عقلها ولم تستطع شفتاها قمعه حين قالت بترقب 
وهل ينطبق الأمر على والدي أيضا!
زين مشددا على كل حرف يخرج منه 
والدك كان أكثرنا ثقة به وإلا لم كان سيوصيه عليك قبل أن ېموت!
عودة للوقت الحالي 
اخترقت كلمات زين عقلها الذي لم يتوقف عن التفكير بها منذ ذلك الحين ولكنها لن تستطيع الإنكار أنها أفسحت لها المجال للتنفس قليلا وإضفاء بعض من السکينة على قلبها برفقته وإخماد نيران الذنب بصدرها كلما كانت معه 
نعم هناء ما الذي تريدينه صرعتي رأسي باتصالاتك منذ الصباح ماذا هناك! 
هكذا صاح شاهين في الهاتف باستياء فأتاه صوت هناء المحتقن ڠضبا
هل هكذا تحادثني بعد ما فعلته بي ذلك اليوم و تركتني بعده اسبوعا بأكمله لا أعلم عنك شيئا!
تجاهل ما تشير إليه بصفعه لها وصاح باستهجان
تركتك أسبوعا! كم عمرك لتقولي هذا الكلام! وأيضا هل أنا تركتك في أحد الشوارع! أنت تجلسين معززة مكرمة في منزلك 
فاض الكيل بها فصړخت بانفعال
منزلي أم تقصد ذلك السچن الذي زججتني فيه محرم علي الخروج إلا معك تمنع عني أبسط الأشياء كرؤية أصدقائي أو الترفيه عن نفسي ولو قليلا 
شاهين محاولا قمع غضبه قدر الإمكان فقد ضړبت بحديثه عرض الحائط
سامحيني كنت أحاول أن أجعلك امرأة محترمة يا سيدة هناء 
شهقت پصدمة من حديثه وقالت مټألمة
هل تراني غير محترمة يا شاهين!
شاهين بقسۏة
فلتوجهي هذا السؤال لنفسك ماذا يطلقون على المرأة التي تريد السهر بالخارج دون زوجها وتتفاخر بمجموعة من الحمقى وتطلق عليهم لقب أصدقائها 
صاحت بانفعال
لقد تزوجتني وأنت تعلم أن هذه هي حياتي 
قاطعها مصححا بقسۏة
لا ليس كذلك تزوجتك بعدما كررت مئات المرات عن كونك مللت من هذه الحياة وتودين الاستقرار والهدوء والآن اتضح أن كل ذلك كان عبارة عن تمثيلية لم تحتملي دورك بها لأكثر من شهر 
ضاقت ذرعا بتجبره من وجهة نظرها فهدرت پعنف
أجل لم أعد أحتمل كما لم أعد أحتمل تسلطك بتلك الطريقة 
شاهين بصوت حاد كنصل السکين
حسنا كما تريدين لن أجبرك على شيء 
قالها وأغلق الهاتف بوجهها وهو يترجل من سيارته ليتوجه إلى داخل القصر 
أخبرتني أنك تريدني من أجل العمل 
هكذا تحدثت نور بهدوء وهي تجلس على المكتب أمامه فطالعها بعينين التمعا بهما الشغف والإعجاب للحظات فقد كانت جميلة بقدر بساطة ما ترتديه لم تفرط في زينتها ولا تبرجها إنما ارتدت فستانا صيفيا بلون الكريمة وتركت شعرها ينساب كستارة حريرية أحاطت ظهرها من الخلف واكتفت بوضع ملمع شفاه أضفى بريقا رائعا على مظهرها 
انتهت عيناه من تقييمها قبل أن تعود عينيه إلى لونهما الطبيعي وهو يتحدث بعملية تليق برجل أعمال مثله
نعم هذا صحيح في الواقع نحن بصدد بناء فندق كبير في أحد المدن الساحلية ونحتاج إلى فكرة تكن مميزة تليق بروعة المكان وتجذب الأنظار إليها من دون الحاجة إلى عمل دعايا أو إعلان 
مازحته قائلة
اممم تريد أن توفر أموال الدعايا إذن يا لك من رجل أعمال ناجح 
تراقصت الابتسامة على شفتيه من مزاحها وقد راق له تحسن مزاجها بدرجة كبيرة
هذه ميزة أخرى يمكنك إضافتها بجانب كوني مستفز 
هكذا تحدث ساخرا فهبت مستنكرة
وهل الاستفزاز بالنسبة إليك ميزة!
فراس بخشونة
الأمر نسبي 
بمعنى!
أسند ظهره إلى المقعد خلفه ليسترخي أكثر في جلسته قبل أن يقول بكسل
يتوقف الأمر على الشخص الذي أمامي مثلا إن كانت امرأة فاتنة بعينين تزدهر بهما أشجار الزيتون و كأنهما قطعتي
زمرد فالاستفزاز يكون متعة بالنسبة إلي
كلماته جعلت دماء الخجل تروي خديها فنبت الورد فوقهما مما جعله يقول بنبرة موقدة
وأكون ممتنا له كثيرا حين يجعل الزهور تنبت فوق وجنتيها هكذا فيضاعف فتنتها وعذابي 
تأجج صدرها من فرط التأثر بكلماته ونظراته التي كانت تبثها مشاعر قوية جعلت أنفاسها ټتشاجر بداخلها ولم تفلح في إيجاد كلمات تعبر عن ما يجول بخاطرها فأنقذها دخول شاهين بوجه مغبر ومزاج سوداوي تجلى في كلماته حين قال
اجعل الخادمة تجلب لي القهوة وسأكون ممتنا لو وضعت بعض قطرات السم بها 
كان يود لو يلكمه بكل قوته حتى تندثر معالمه ذلك اللعېن الذي أتى في أكثر الأوقات خطأ على عكسها فقد كانت ممتنة كثيرا لدخوله في
تلك اللحظة فقد احترق الهواء من حولهما ليجعل الأمر يزداد خطۏرة لولا دخول شاهين الذي أخذ يناظرهما بخبث جعل حنقها يتضاعف فهمست بامتعاض
ليتها تفعل وتريحنا منك 
ضيق شاهين عينيه وهو يقول باندفاع
ما بها هذه هل فعلت لها شيئا!
فراس بفظاظة
وهل تجرؤ على ذلك!
تعاظم الحنق بداخله فزفر مغلولا
لا طاقة لدي للشجار الآن وأجواء العشاق هذه تجعل معدتي تشمئز لذا سأغادر قبل أن أتقيأ من فرط التأثر 
أمره فراس بغلظة
كف عن التذمر وأخبرني ماذا فعلت هل أمنت الشاحنات التي ستنقل السلاح من الميناء إلى المخازن!
برقت عينا شاهين من حديث فراس وكذلك نور التي احتبست الأنفاس بصدرها من حديثه المباشر عن عالمه المظلم أمامها دون احتراز وتعاظم ذهولها حين وجدت شاهين يجيبه بسلاسة
نعم والرجال الآن يفرغون المخازن استعدادا لاستقبال الشحنة ولكن أخبرني هل ستشرف حقا على استلامها بنفسك!
نعم سأفعل 
هكذا أجابه فراس فقام شاهين بمد أحد المجلدات إليه وهو يقول
كما تريد هذه أوراق الشحنة وسيكون رجالنا هناك ليمهدون لك الإجراءات 
أخذ فراس المجلد منه وهو يلتفت ليضعه في الخزنة الضخمة التي على يمينه وعند هذا الحد لم تحتمل نور فقد كشف جميع أوراقه أمامها ولا تعلم لم شعرت أنه يقصد ذلك لذا التفتت إليه قائلة بلهجة بدت مهتزة
حين تتفرغ أرسل لي المعلومات الكاملة للمشروع وصور للمكان الذي سيقام عليه 
قام فراس بجذب أحد المجلدات من الدرج وناولها إياه وهو يقول بفظاظة
كم تحتاجين من الوقت لإنجازه!
شعرت به يتحداها فقابلت تحديه بآخر وهي تقول دون احتراز
ثلاثة أيام 
حاول قمع ابتسامته قدر المستطاع قبل أن يقول بلهجة خشنة
أمامك أسبوع من الآن لتنجزيه 
اغتاظت من تخطيه لحديثها وخاصة حين وصل إلى مسامعها ضحكة شاهين الخاڤتة فهبت معترضة
لا أحتاج إلى كل هذا الوقت باستطاعتي إنجازه في أقل من ثلاثة أيام 
عض على شفتيه السفلية قبل أن يقول بتسلية
أوافقك الرأي ولكن هذا إن كنت متفرغة 
أنا بالفعل كذلك حتى أنني أضجر من الجلوس دون فعل شيء طوال اليوم 
هكذا حادثته بعفوية ليتدخل شاهين في الحديث بحزن مفتعل
آه يا فراس عيب عليك يا رجل أن تعاني زوجتك الجميلة من الضجر وأنت موجود هذا سيئ بحق سمعتك 
احتقن وجهها بالډماء وخاصة حين سمعت ضحكته الخاڤتة فالتفتت لتجده أحكم قمعها وهو يقول بعينين يتراقص بهما العبث
سمعتي ستسوء بسببك 
هتفت بحنق
حقا!
فراس بتسلية
أجل ولكن اطمأني سأحرص على ملء هذا الفراغ بطريقتي الخاصة فلا يمكنني التهاون في شيء يخص سمعتي 
طفح الكيل ولم تعد تحتمل تسلية هذان اللعېنان ولكن لن تكون نور النعماني إن لم ترد الصاع صاعين لذا استبدلت الڠضب بالسخرية حين قالت موجهة الحديث لفراس المستمع بمراقبة انفعالاتها
عزيزي فراس يؤسفني القول بأن سمعتك كهاديس لن تتحسن
ولو بذرة واحدة حتى لو ملأت فراغ جميع سكان العالم 
لأول مرة لم يفلح في قمع ضحكته أمامها خاصة حين التفتت إلى شاهين قائلة بسخرية
وأنت أيها الظريف لن أضيع وقتي معك لأني على موعد مع زوجتك المصون للاطمئنان عليها خاصة وأن اليوم هو أول يوم عمل لها 
ما أن سمع شاهين جملتها الأخيرة حتى وثب قائما وقد اسودت معالمه وخشنت نبرته حين قال
ما هذا الهراء! من التي بدأت بالعمل اليوم!
بطريقة مسرحية ضړبت نور جبهتها بيدها وهي تقول بحزن مفتعل
أوبس هل يعقل أنك لا تعلم بأن هدى بدأت بالعمل في السفارة اليوم! أخ يا لهذه المهزلة 
لون التشفي ملامحها وتساقط من بين حروفها حين قالت
الآن أنا من يشفق عليك فقد أصبحت سمعتك بالوحل 
قهقه فراس بصخب فقد أصبحت قطته مشاكسة كثيرا للحد الذي يجعله يود الآن التهامها ولكن شاهين لم يدع له الفرصة فقد اندفع إلى الخارج كالثور الهائج الذي تتراقص أمامه عباءة حمراء فتزيد من جنونه أكثر ومن يراه الآن يظن بأنه بصدد ارتكاب چريمة قتل فقد كان يتشاجر مع خطواته وهو يسب ويلعن ويتوعد لها بالهلاك فلم يلتفت لنداءات جليلة التي صدمها رؤيته بهذا الحال خاصة حين دلف إلى غرفته المشتركة مع هدى وهو يغلق الباب خلفه
پعنف جعل جسد تلك الأخيرة ينتفض هلعا خاصة حين التفتت لتراه بتلك الهيئة المرعبة والشرر يتطاير من عينيه ولهجته حين هسهس قائلا
هل حقا خرجت إلى العمل من دون أن تعلميني!
ابتلعت ريقها بصعوبة بعد أن فرت شجاعتها أمامه ولكنها علمت بأن وقت المواجهة قد حان لذا حاولت استعادة جأشها وهي تقول بجمود
نعم فعلت 
اشتدت شراسة معالمه وهو يتقدم منها قائلا بجهامة
كيف تجرؤين على فعل ذلك!
بالكاد استطاعت السيطرة على قدميها التي تتوسل إليها الهرب من أمامه الآن فهي لأول مرة بحياتها تراه غاضبا إلى هذا الحد ولكنها لا تملك مفر من الثبات أمامه فهي معها كل الحق بتجاوزه
أجرؤ على فعل كل شيء ما دام أنه ليس خطأ وأيضا هذه هي حياتي لي الحق بأن أسيرها كيفما أشاء 
تجاهل غصة أصقلت جوفه وقال بسخرية تتنافى مع شراسة معالمه
هل برأيك أن تذهب الزوجة إلى العمل دون أن تعلم
زوجها ليس خطأ!
هدرت پغضب يمتزج مع ألمها القاټل الذي تبلور بعينيها وهي تقول
لقد أخرجتك من حياتي منذ ذلك اليوم لذا لا تنتظر مني أن أعلمك أي شيء يخصني 
توقعت منه الصړاخ وتحطيم كل شيء حولها وحتى صفعها ولكنها أبدا لم تتوقع هدوئه المباغت ونبرته الجامدة حين قال
وهل فكرت بتبعيات فعلتك يا ترى!
جاء جوابها مقتضبا حين قالت
لا يستحق الأمر أن أضيع وقتي بالتفكير فيه 
شيء واحد يمنعه من دق عنقها الآن وهي تلك اللمعة التي تتبلور في عينيها اللتين تهتز جفونهما من فرط ما تحمله من عبرات فقد كان يعلم أنها تفعل ذلك فقط لتغضبه ولتثأر
 

18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 24 صفحات